الشاعر والاعلامي صبري السعدي
الشاعر والاعلامي صبري السعدي
الشاعر والاعلامي صبري السعدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشاعر والاعلامي صبري السعدي

منتدى ادب وفن
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مسرحية ابن الخايبه.............تأليف علي عبد النبي الزيدي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صبري السعدي
المدير العام
المدير العام
صبري السعدي


عدد المساهمات : 171
تاريخ التسجيل : 13/12/2009

مسرحية ابن الخايبه.............تأليف علي عبد النبي الزيدي Empty
مُساهمةموضوع: مسرحية ابن الخايبه.............تأليف علي عبد النبي الزيدي   مسرحية ابن الخايبه.............تأليف علي عبد النبي الزيدي Emptyالسبت يوليو 30, 2011 6:57 pm

مسرحية

إبنُ الخايبه !
( لا تستغربوا.. فالواقع الذي
أعيش فيه ، أكثر بذاءة من لغتي ... )
المؤلف

تأليف : علي عبد النبي الزيدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- المكان : غرفة بُنيت من القصب والطين ، تتوزع في تفاصيلها بعض الادوات العتيقة : فانوس ، أواني طهي ، أفرشة قديمة متهرئة ، ملابس معلقة على مسامير ، طباخ نفطي صغير ، صورة كبيرة لرجل ميت معلقة في منتصف الحائط .
- نرى حبلا طويلا قد تدلّى من سقف الغرفة على شكل ( مشنقة ) وتحتها وضع كرسي صغير !
- ( الأم ) نائمة ، تضع عباءتها كغطاء فوقها .
- ( زوج الأم ) نائم وهو يشخر بصوت عال ! سمين جدا ، له كرش كبير ، يأخذ مساحة واسعة في الغرفة ، اي ان جسده مبالغ في حجمه !
- ( صبر ) في الثلاثينيات من عمره .. يقف امام صورة الرجل المعلقة ، ينظر اليها وكأنه يراها لأول مرة .
زوج الأم: ( يشخر ) اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخو ...
صبر : ( يبصق على الصورة ) تفو عليك ، تفو تفو تفو ... ايها القواد تفو
عليك ، تفو عليك يا أبي ، يا أيها الغالي على القلب ! ( يصيح ) تفو عليك بويه ( يضحك ) ايها الشهيد ، ايها البطل .. انت تعلم جيدا بأنني احبك يا أبي ، احبك بكامل روحي ، ولكن تفو عليك يا قواد ، حبي لك ليس لانني ابنك فقط ، بل لانك تستحق هذا الحب بجدارة ! ما أروعك وما أجملك ايها الاب ، ولكن مقابل حبك لي ولأمي لا أملك سوى البصاق على صورتك ايها الاب الشهيد والسعيد ، فتفو عليك مليون مرة ، تفو عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا ، تفو عليك لانك جعلت حياتنا جحيما ببطولاتك العظيمة والتي لا معنى لها ! تفو عليك لاننا سنطرد كالكلاب من هذه الغرفة بسببك... ( يترك الصورة، يصعد فوق الكرسي ويضع الحبل حول رقبته ، يحاول اكثر من مرة دفع الكرسي وشنق نفسه لكنه لا يستطيع ، ينزل من الكرسي ، يقف عند رأس أمه ، يحاول ايقاضها بهدوء ) أمي ، أمي ، أمي ...
زوج الأم : ( مستمرا بشخيره ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخو...
الأم : ( تنهض فزعة ) بسم الله الرحمن الرحيم ، صبحنا وصبح الملك لله ، يا الله يا الله يا الله ، استغفرك يا الله ... صباح العافية يمّه صبر . أخذني النوم ( تنظر من نافذة الغرفة الصغيرة ) هل تأخرتُ عن صلاة الصبح ؟
صبر : مازلنا في منتصف الليل أمي !
الأم : حسبت انك أيقضتني لصلاة الصبح كعادتك .
صبر : لا فرق بين ليلنا وصبحنا .
الأم : انت جائع اذن يا روح أمك .. بقي من خبز العشاء الذي تحب دائما ان
تغمّسه مع الشاي .
صبر : ( يخاطب الصورة ) خبز مغمس بالشاي لثلاثين سنة ، كم كنت اتمنى
ان أغمّس الشاي بالخبز وليس العكس ، لكنني لم استطع ان احقق هذه
الامنية...
الأم : سأضع لك الشاي على النار .
صبر : لست بجائع ، فالخبز والشاي أتخماني ليلة البارحة والليلة قبل البارحة
والليلة التي سبقت ليلة ليلة البارحة ، والليلة التي ...
الأم : نعمة الله يمّه .
صبر : لكن الكريم لا يُكرم بخبز وشاي !
الأم : نحن افضل من غيرنا !
صبر : ( يضحك ) هذا يعني ان غيرَنا يُغمّس الطين بالشاي مثلا ؟
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
الأم : نعمة تستحق الشكر ، ألف ألف ألف شكر لك ياربي ( تنظر الى الحبل
المتدلي ) ما هذا الحبل ؟
صبر : حبل ، ليس بأفعى ... ! ألم تشاهدي حبلاً في حياتك ؟
الأم : اعرف انه حبل . لكنه لا يبدو لي كذلك .
صبر : ربما يبدو لك مشنقة !
الأم : ( تغيّر الموضوع أو تتظاهر بأنها لم تسمع ) دعني اضع الشاي على
النار .
صبر : قد تكون مشنقة فعلا .
الأم : ( تتهرب ) لدينا بقايا خبز .
صبر : انظري اليها ، ما أجملها من مشنقة .
الأم : يمّه صبر .. انت تشكو من البرد ؟ دعني اعطيك عباءتي تتدفأ بها ، لا
لا.. سأعطيك روحي فهي اكثر دفئا !
صبر : سأشتاق لوجهك دائما .
الأم : أنا باقية في الحياة من اجل وجهك ( تصيح به ) قل ماهذا الحبل ؟
صبر : قد يبدو ................... انظري الى صورة أبي ، ما أروعها الليلة ،
وجه نوراني ...
زوج الأم: ( يشخر ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...
الأم : أ تدري بأنني أغار من حبك لأبيك ؟
صبر : القواد ... ؟
الأم : ( تضرب صدرها بكفها ) يمّه صبر ... هذه الكلمة لا تليق بلسانك ،
فكيف تليق بمن تحب ؟
صبر : ماذا افعل ؟ هذا من فرط حبي لأبي ! أحبه واحبه واحبه كثيرا ، ولا
اجد كلمة يمكن ان تعبر عن هذا الحب .. سوى قواد !
الأم : مابك ؟ دعني اصلي لروحك ركعتين .
صبر : لا ينفع .
الأم : صلاة الليل ليس كمثلها صلاة .
صبر : لا ينفع .
الأم : صلاةُ أمٍٍٍ ليست كأي أم .
صبر : لا ينفع .
الأم : دعاء الام لابنها مستجاب .
صبر : لا تضحكي عليّ .. ما عادت هذي الكلمات تنفع معي .
الأم : رأسك يحتاج الى شاي وخبز تنور حطب ( تصيح به ) يمّه صبر ..
قل ما هذا الحبل ؟
صبر : مشنقة ! صدقيني انها مشنقة .
الأم : تلعب بمشنقة ؟
زوج الأم: ( يشخر بصوت عال ) اخ اخ اخ ، اخ اخ خو خو خو خو ...
صبر : إنها لعبتي المفضلة في هذه الليلة الجميلة .
الأم : لا أحبّها يمّه .
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...
صبر : اعرف .. أعدك بأنني سأنتحر بها الان .. واتركها بعد ذلك الى الابد .
الأم : ( تشهق ) تنتحر ؟! صبر .. ماذا يعني انك تنتحر ؟
صبر : يعني انني اريد ان انتحر .
الأم : وبكل بساطة ؟ بهذه المشنقة ؟
صبر : واريدك ان تساعدينني ايضا !
الأم : أساعدك ؟! كيف ؟
صبر : بدفع الكرسي ( يدفع الكرسي بيديه ) هكذا .. عندما اصعد عليه !
الأم : ( تضرب صدرها بكفها ) قل اعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس
من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة
والناس . قل اعوذ ...
صبر : ( يقاطعها ) لو قرأت القرآن كله ما نفع ذلك معي .. الليلة اخر ليلة
معك يا أمي .
الأم : قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق ...
صبر : ومن شر هذه الحياة .. الحياة التي تتحكم فيها الاحذية الكبيرة بمصائر
( يشير الى نفسه ) الاحذية الصغيرة .
زوج الأم: ( يشخر بقوة اكثر ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...
الأم : يمّه صبر .. لم اعهدك تتحدث بهذه الكلمات .
صبر : أ نسيتي ؟ انا ابن القعر وما زلت ، وهذه لغة اهل القعر ! ماذا
افعل ؟ هكذا تعلمت !
الأم : اطرد هذه الوساوس من رأسك يمّه .
صبر : جاءوا صباح اليوم واعطوني ورقة .
الأم : ورقة ؟
صبر : ( يخرجها من جيبه ، يقرأ ) نبلغكم بإخلاء هذا البيت فانتم من
المتجاوزين على الحق العام ...
الأم : ( منهارة ) أبوك اعطى عمره وعمرنا وحياته وحياتنا من اجل الحق
العام .
صبر : ألم يكن عظيما كما تقولين ؟
الأم : هناك خطأ ما .
صبر : هناك جريمة ما .
الأم : أو قد يكون .. ربما من اجل ان يعطوننا بيتا ، لالالالا قصرا ، لالالالا
جنة لالالالالالالا...
صبر : ( يغني بسخرية ) يمه العمر وياج بيت وشناشيل يابويه بيت وشناشيل
وين ارحل ليا دار لو جلجل الليل يا بوية لو جلجل الليل ...
الأم : لو جلجل الليل .. تنام في وسط عينيّ .. عد الى نومك يا بني ، اتوسل
اليك ، هناك خطأ .
صبر : فقط .. ادفعي الكرسي من اجل ابنك الحبيب .
الأم : قل انك تمزح مع أمك ، قل .
صبر : ان ابقى هو المزاح .
الأم : وقلب أمك ؟
صبر : أروع ما يكون .
الأم : سأموت حرقة عليك .
صبر : احرقنا أبي القواد ببطولاته ! أعني الشهيد أبي الذي سخم حياتنا
ورحل. أخ القحبة .
الأم : ماذا اسمع ؟ سِخام يُسخمني ( تزجره ) لا تقل قوادا على أبيك ، لقد كان بطلا .
صبر : نعال !
الأم : شجاعا لايهاب الموت .
صبر : نعال .
الأم : كان طيبا .
صبر : نعال .
الأم : أبا حقيقيا .
صبر : نعال .
الأم : يمّه صبر .. امسح هذي الكلمات من رأسك ، فهي لا تليق بطهارة بيتنا
صبر : أمسحها ؟ كيف ؟ انا لا املك سواها ! تعلمتها مذ كنت صغيرا في تلك الزنزانة ، لا اسمع من رجال الامن سوى تلك الكلمات ، علموني اياها ، كنت اعتقد ان العالم كله يتحدث بهذه الطريقة .
الأم : انها كلماتهم وليست بكلماتنا .
صبر : ( يصيح بإمه ) أبي كان نعالا يمّه .. وانا خلقت كحذاء صغير ؟ لــم لا تفهمي ؟
الأم : بل خلقت في احسن تقويم ...
صبر : ( بهستيريا ) أنا حذاء صغير وابن حذاء صغير وابن ابن حذاء صغير وابن ابن ابن حذاء صغير وابن ابن ابن حذاء صغير وصغير وصغير وصغير ...
الأم : دعهم ينامون في قبورهم بسلام .
صبر : هذه اول مرة أعلم بها ان الاحذية يمكن ان تنام .. ممكن ممكن لم لا .
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...
صبر : ( يصيح بزوج أمه ) اوقفيه عن الشخير يا أمي .
الأم : ( تصغي ) لا اسمع شخيرا !
صبر : وهذا الشخير المدوي الذي يطلقه زوجك ؟
الأم : انه عمك !! أنا لا اسمع شيئا ، تتوهم بأشياء كثيرة يا بني ، انظر اليه .. انه ينام بهدوء ...
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ ...
صبر : قواد جديد !!
الأم : عمك ، زوجي ...
صبر : يأكل خراء . ادفعي الكرسي .. ارجوك ، لا املك القدرة على دفع كرسي مشنقتي ، لا احد يساعدني سواك ، ساعديني ولك مليون حسنة وحسنة في ليلة هي خير من مليار ليلة وليلة .
الأم : ثلاثون عاما وانا ابكي عليك ، ولا ادري لماذا ابكي ، لا ادري . عندما تنام او تصحو ، ابكي عليك ، عندما تخرج او تدخل الى هذه الغرفة الطينية ابكي عليك ، عندما تجوع او تشبع ابكي عليك ، عندما تجلس او تقف او تنام ابكي عليك ، عندما تصمت او تتكلم ابكي عليك ، عندما تبكي اموت من البكاء عليك . ماذا لو رحلت عن روح أمك ؟ ماذا يمكن ان يحدث ؟!
صبر : قلبي توقف الان عن سماع كلماتك يا أمي ، ما عليك سوى ان تدفعي
الكرسي ، ارجوك ...
الأم : لا يمكن ...
صبر : تخيلي ذلك .
الأم : لا يمكن ...
صبر : حاولي ان تتخيّلي مشهد انتحاري .. ماذا سيحدث ؟ وماذا ستفعلين ؟
الأم : لا يمكن ...
صبر : تخيّلي ارجوك .. من اجل ابنك الحبيب
( انتقالة ... )

- ( مشهد تخيلي )
- ( يتدلى جسد صبر بعد ان قام بشنق نفسه )
الأم : يمّه يمّه يمّه يمّه يمّه صبر ( صارخه ) يمّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه . شلون بيّه .. الان فقط هُدمَ حيلي ، الآن فقط يحق لي ان ألطمَ على وجهي وصدري ، ( تلطم بوجع ) حيل يمّه .. الان فقط يحق لي ان أصيح بصوت تسمعه الأمهات كلهن فيخرجن من البيوت ، شاركنني اللطم والصراخ .. راح الوالي راح وليدي ، الان فقط يا بعد عمري اغلق باب الله بوجه أمك ، يمّه .. هذي قيامتي يا صبر قد بدأت ، يا الوالي يا شمعة الدار وحلاوة روحي ، يا الغالي ... ( تضرب وجهها ) انطفأ يا وجه ، توقفي يا عيون عن رؤية الاشياء ، فبعدك يا صبر لا شيء يستحق ان أراه ، كنت باقية من اجلك هنا ، فما معنى ان ابقى الان ؟ يمّه يمّه اموت معك ، يمه لا تتركني ، يمّه يمّه يمّه صبر ( صارخه ) يمّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ...
( عودة الى ...)
صبر : ها يمّه ...
الأم : سأشعل الأبخرة والحرمل .. علّ الشياطين تخرج من غرفتنا ( تبحث
عن الابخرة )
صبر : لا احد في غرفتنا سوى الملائكة .
الأم : ( تتوقف ) ربي رحمتك وعطفك ...
صبر : سيرحمني بهذه المشنقة كما رحم الذين من قبلنا ...
الأم : ستموت كافرا .
صبر : بل أموت في قمة إيماني الخاص .
الأم : لا تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها .
صبر : لن يقتلني أي احد .. انا من سيفعل ذلك بنفسه !
الأم : يمّه صبر . ماذا افعل لرأسك ؟
زوج الأم: ( يجلس ، الا انه مازال نائما ويشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : زوجك القواد الجديد لا يكف عن النوم والشخير .
الأم : لا يصح ان تتحدث عن زوج أمك هكذا .
صبر : سينفجر ويملأ الغرفة بالقوادة ...
الأم : ماذا اسمع يا ربي ... ؟ عمك متعب جدا .
صبر : منذ سنوات وهو نائم ويشخر ! حاولت ان احبه ، لكنني لم استطع !
الأم : حاول مرة اخرى ( تشير الى المشنقة ) انزل هذا الحبل من أجل أمك .
صبر : أتمنى ان تتوقفي عن أمومتك قليلا !
الأم : عن الحياة تعني ... ؟
صبر : أريدك ان ترتدي ثوبا ابيض بعد ان تدفعي كرسي المشنقة .
الأم : أنا أمٌ خلقت لثياب الوجع !
صبر : والفرح ؟
الأم : لا أتخيل شكلي بثياب الفرح ، لا اتخيل رأسي دون هذي الشيلة
والعصّابة ، لا اتخيل ان تخرج من فمي الهلاهل يمّه ، لا اتخيل ان
اضحك ...
صبر : من أجلي ، من اجل ابنك ، حبيبك ، روحك .. توقفي للحظة واحدة عن
أمومتك وادفعي الكرسي ، لا اطلب المستحيل منك !
زوج الأم: ( يشخر ماشيا ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : اوقفيه عن الشخير يا أمي .
الأم : لا اسمع شخيرا !
صبر : رأسي يضج بأصواتهم .
الأم : يمّه صبر .. صلِ ركعتين واستغفر الله .
صبر : المشنقة .. هي الصلاة .
الأم : دعني اتوضأ من اجلك ؟
صبر : احتاج الى راحة روحي .
الأم : بشنق إبني ؟
صبر : ستجعلينني سعيدا هناك .. بعيدا عن حياة لا ارغب الاستمرار فيها ...
الأم : لن يحبك الله .
صبر : لا احتاج ان يحبني احدا !
الأم : ( تشهق ) صبر يمّه .. ما الذي يجري في روحك ؟ هذا من فعل
الوسواس الخناس بك .. انتظر ، سيطرده الحرمل ( تبحث عن
الحرمل )
صبر : اريد ان انتحر فقط !
الأم : ( تجد الحرمل ، تشعله ) كيف لي ان امسح قلب الام الذي ينبض من
اجلك واقتلك ؟
صبر : انك لا تحبينني .
الأم : ( تصيح ) يبوووووي .. سأشق هذا الثوب الى نصفين .
( يتصاعد دخان الحرمل )
صبر : الحب .. ان تدفعي كرسي انتحاري يا أجمل أم .
الأم : الشيطان قد ركب رأسك .
صبر : ارحميه .. فالشيطان لم يكن سوى شماعة ذنوب لنا .
الأم : قد ركبك الشيطان الرجيم ؟ ( تصيح ) اخرج من هنا ايها الشيطان ،
اخرج ...
صبر : ما عهدتك تطردين ضيفا .
الأم : سأجن هذه الليلة .
صبر : هو جنون يا أمي .. رأسي لا يستوعب هذي الاكاذيب ، أبي عاش
حياته كلها يضحك على نفسه ، صدقيني ، ساخرا من احلامنا .. كان
يكذب !
الأم : أبوك رفعة الرأس وحزام الظهر وأخ لاخته ...
صبر : كان يكذب ...
الأم : أعدم من اجلنا ، شنق من اجلكم ، من من من من من من من من ...
زوج الأم: ( يشخر بصوت عال جالسا ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخو...
صبر : اشعر ان كل كلمات العالم ليست سوى اكاذيب ...
الأم : أبوك قاتل كالابطال ، لكنهم استطاعوا القبض عليه وأعدم بعدها ...
صبر : كان عليه ان يعيش من اجل بيته بدلا من هذه التفاهات التي قتلته !
الأم : كان مجاهدا ضد الظلم كما كان يقول لي ذلك ...
صبر : يكذب عليك ...
الأم : ( تصفعه ) ابن عاق .
صبر : لايهم .. فقط ادفعي الكرسي ، وإلا سأشنق نفسي بنفسي .
الأم : ابوك ...
صبر : اوووووووه ، ابي ابي ابي .. ابي كان هو العاق لطفولتي .. قضى
عمره يحتضن بندقيته ومات مشنوقا ، ما علاقتي بكل هذه السخافات ؟
الأم : ( تصحح له ) استشهد ...
صبر : ومن قال له ان يستشهد او يموت او يحترق ؟
الأم : سُنةُ الرجال .
صبر : سُنةُ تجعلني واياك نعيش بين زنزانة وزنزانة ، بين شتيمة وشتيمة ،
بين اغتصاب واغتصاب ، بين جوع وجوع ، وبين حق عام وحق
عام اخر ...
الأم : حرام عليك .. سيعذبك الله ويرميك في النار .
صبر : نار اخرى ؟
الأم : جهنم !
صبر : أخرى ؟
الأم : يوم القيامة .
صبر : أخرى ؟
الأم : يمّه .. صلِ ركعتين واستغفر الله ، فروحك متعبة .
صبر : مللتُ من الصلاة ، مللت من الدعاء ، مللت من الركوع والسجود ،
مللت من الاستغفار والحمد لله والشكر لله ، مللت ...
الأم : استغفرك ربي .. يمّه الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ...
صبر : الحياة هي الفحشاء والمنكر !
الأم : ( تضرب صدرها ) من يعيد لي ابني الذي اعرفه ؟ ( تهدأ ) أتعلم ان
أباك الان في الجنة .
صبر : مع الحور العين ؟ اليس كذلك ؟ ونحن نعيش في القعر ، في هذه
الحفرة ، فتحت عيني على زنزانة منذ ثلاثين عاما ومازلت فيها
( يضحك ) ولكنني سأذهب الى جنتي الخاصة !
الأم : تنتحر ، تشنق نفسك وتريد الذهاب الى الجنة ؟
صبر : جنتي تختلف عن جنانكم .. انها هنا ( يشير الى رأسه )
الأم : ( تصيح ) من الذي ادخل الشيطان الى بيتنا ؟
صبر : يبحث عن عمل .
الأم : انك لا تنظر بقلبك .. الوطن قد تغير ، ألا ترى ؟ أبوك اعطى حياته
من اجل هذا التغيير الذي نحن فيه الان ، رحل الظلم يمّه .
صبر : والحق العام والجوع والموت الذي يلاحقنا كظلنا ؟ واصدقائي الذين لم
نجد منهم سوى رؤوسهم في براميل القمامة ؟ وشبابي وهذه الغرفة ؟
الأم : سأزوجك اجمل فتاة في مدينتنا وستتحول هذه الغرفة الطينية الى
غرفة من ذهب .
صبر : ( يضحك بقوة ) زوجة وذهب ...
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : ( يضحك بقوة ) لم تتغير سوى الثياب والوجوه ... ؟
الأم : اصمت .. الحيطان لها آذان !!
صبر : ( مستمرا بضحكه ) الوطن تغيّر ... ( يتوقف ) مازالت هذه الغرفة
الطينية تنام فوق اعمارنا ، فالوطن تغيّر . ومازال هذا الفانوس يُظلم
ليالينا ، فالوطن تغيّر ، وما زال الخوف يفرش جسده هنا فالوطن
تغيّر ، وما زال الجوع يصرخ في احشائنا ، ومازال الباب بلا
طرقات تنتشلنا أو تقول لنا ان اباكم اعطى روحه من اجل الوطن
ونحن بالمقابل سنعطيكم بقدر عطائه .. فالوطن قد تغيّر !
الأم : كل هذا لا يدعوك للرحيل بعيدا عن أمك .
صبر : لــم قبلتي ان يرحل أبي اذن ؟
الأم : لم أقبل .. كان يحدثني بكلمات كبيرة لا افهمها ولا استطيع الرد عليها!
صبر : شعاراتهم ...
الأم : بين كلمة وطن واخرى كان يقول : ان الوطن ...
صبر : وبين وطن ووطن كان رجال الامن يداهمون هذه الغرفة الطينية ،
يضربونك ويجرونك من ثيابك من اجله ...
الأم : من اجل الوطن ...
صبر : ما ذنبي أعيش طفولتي وسنوات عمري في زنزانة ؟
الأم : من أجل الوطن .
صبر : ليحترق ...
الأم : لقد احببت الوطن على حب أبيك !
صبر : من يستحق لحظة خوف واحدة عشناها ؟ من يستحق ان نُصفع من
اجله ؟ من يستحق ان ننام بلا عشاءات من اجله ؟ من يستحق ان
يشنق أبي من أجله ؟ من نحن حتى نكون هكذا خراف فداء ؟ ولمن ؟
من اجل الله ؟ الوطن ؟ الناس ؟
الأم : لا اعرف لا اعرف لا اعرف .. ابوك اراد لحياتنا ان تكون هكذا !
صبر : ومن اعطاه الحق ليلعب بحياتنا هكذا ؟
الأم : كان بطلا من نوع خاص .
صبر : لا اريده بطلا ، ولا خاصا ولا حارقا ولا خارقا ولا سخاما ، اريده أباً
فقط .. اي بطولة هذه التي تدعو الاباء ان يتركوا ابواب بيوتهم
مشرعة ؟
( انتقالة الى )
( الام في وسط مجموعة من رجال الامن السكارى )
رجل الامن2 : ارقصي ، ارقصي يا قحبه يا ساقطه يا زوجة القواد ...
رجل الامن 2: ( يخرج مسدسه ) ارقصي وإلا افرغت هذا المسدس برأس ابنك ،
ارقصي ...
الام : ( تضرب صدرها بكفها ) يمّه ابني صبر ، ارقص ؟
رجل الامن3: ترقصين رغما عنك يا قحبه .
الأم : كيف ؟ لا يمكن .. انا امرأة شريفة .
رجل الامن2 : شريفة ؟ صح ، تمتنعين يا قحبة ؟ اذن سأضع رصاصة في رأسه
الصغير ...
الام : توقف ، سأرقص ، سأرقص ... يمّه صبر ، لخاطر الله اتركوه ،
سأرقص ...
( ترقص ويرقصون معها ، احدهم يلتقط صورا للام )
( انتقالة الى ... )
صبر : ( ينظر الى مجموعة من الصور الواحدة بعد الاخرى ) مصور بارع!
الأم : ( تأخذ منه الصور عنوة ) هاتها ولك ...
صبر : ( بطريقة رومانسية ) الوطن مصيره الذبول والصور باقية لا تزول !
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : لا شيء سوى شخيره ...
الأم : ( تبكي ) أمك كانت اشرف ما يكون ، اشرف من الشرف نفسه ...
صبر : لكنني عندما كنت صغيرا اسمعهم في الزنزانة يقولون لك : ايتها
القحبة ، يا عاهرة ، ايتها الزانية ، يا ساقطة يازوجة القواد ابن القواد ،
ايتها ...
الأم : ( تصرخ به ) اسكت اسكت سيسمعك زوجي ، عمك ، يكفي .. يكفي،
انا لم اكن ايتها ...
صبر : وكانوا ينادونني : بابن القحبة ! وابن القواد ( يضحك ) أمي قحبة
وابي قواد .
الأم : يمّه صبر .. يكفي ، يكفي .. ألا تستحي ؟
صبر : اغتصبوك ، ولم يستحوا من عينيّ التي شاهدت اغتصابك لمائة مرة !
الأم : لكنني لم اكن قحبة وحق هذه الشيبات التي تغطيها شيلتي ، انا اشرف
ما يكون الشرف يمّه صبر ...
صبر : اطمئني ( يضحك ) انه اغتصاب من اجل الوطن ليس الا .. فالوطن
يستحق ان تغتصب كل أمهاتنا من اجله !!
الأم : ما اقساك ...
صبر : الآباء .. كانوا يفكرون بأنفسهم فقط .
الأم : الآباء .. كانوا ابطالا يقاتلون الظلم الذي دمر حياتنا ...
صبر : قوادون ، صدقيني ! ما نفع البطولة والشجاعة والتضحية والبسالة
مقابل ان يقول احدهم لك : ايتها القحبة ؟ حتى انني نسيت اسمك يا
أمي ، فكلما يسألني احدهم عن اسمك ، اقول له ان اسمها قحبة .
( انتقالة الى ... )

مدير المدرسة : ( قطعة صغيرة كتب عليها / مدير المدرسة / يكتب في
استمارة ) ما اسمك يا بني ؟
صبر : استاذ انا اسمي صبر ...
مدير المدرسة : وابوك ؟
صبر : اسمه قواد !
مدير المدرسة : ( يزجره ) اسكت ، ما هذا ؟.. ما شاء الله ! وما اسم امك ؟
صبر : اسمها قحبة !
مدير المدرسة : قحبة ؟! ( يصرخ به ) أسكت يا ولد ...
صبر : ( يصحح له ) لا لا اسمها عاهرة ، عاهرة .. اعتقد عاهرة ...
مدير المدرسة : ( يُخرجُ عصا ) سأضربك بالعصا .
صبر : ( يصحح له ) ساقطة ، ساقطة ، لا لالا ناقصة ناقصة ، لا لا
لا سافلة سافلة ، قندره قندره ...
مدير المدرسة : ( يزجره ، يضربه بالعصا ) قلت لك اسكت ، اسكت . أبوك
ماذا يعمل ؟
صبر : قوادا ، أمي اسمها قحبة وابي اسمه قواد ويعمل قوادا، أمي
قحبة وابي قواد قواد وقحبة ... ( يظل يردد قحبة وقواد الى ان
يصبح كلامه صراخا هستيريا ... )
( انتقالة الى ... )
صبر : ( يردد ... ) قواد وقحبة ، قواد وقحبة ، يعمل قوادا ...
الأم : ( تصرخ به ) اسكت ، ولا تحسبن الذين قتلوا ...
صبر : ( يقاطعها ) القوادون في جهنم ، سأحاكمهم كلهم وارميهم في جهنمي !
الأم : للميت حرمة يمّه صبر .
صبر : هذا عندما يكون للحي حرمة !
الأم : ( تنظر الى الصورة المعلقة ) انك تعذبه الان وهو في قبره يا بني .
صبر : الوطن ؟
الأم : أبوك الذي قتل في سبيل الوطن .
صبر : منذ زمن كنت اريد ان أسألك يا أمي : كم رجلا اغتصبك في تلك الليلة
من اجل الوطن والليلة التي تلتها والليلة التي تلت تلك الليلة والليالي
التي جاءت بعد تلك الليالي ...
الأم : ( تترك الصورة ، تصرخ به ) اسكت ، قلت لك ان تسكت ، اسكت
يمّه.
( انتقالة الى ... )
- الأم داخل الزنزانة ، بطنها منتفخة ...
الأم : ( تنظر الى بطنها المنتفخة ) اخرج ، اخرج ، اخرج .. عليك ان
تخرج حالا من بطني ، اياك ان تسألني عن ابيك ، اياك .. فكلهم
اشتركوا بصنعك ، اخرج ايتها القذارة والوساخة والجيفة من بطني
(تضرب بطنها ) اخرج ، اخرج ، اخرج ( تضرب بطنها بقوة اكثر )
الليلة سأنزفك دما مخلوطا بروائح السجّانين العفنة ، سأنزفك قيحا ايها
الميت ( تصرخ به اكثر وهي تضرب بطنها ) اخرج .. ، اخرج إبن
النجاسة ... ( تضرب بطنها بقوة ) اخرج اخرج اخرج اخرج
اخرج اخرج ...
( انتقالة الى ... )
الأم : ( تصرخ وهي تضرب بطنها ) اخرج يا وساخة يا ابن الوسخين ...
صبر : كان ابن من منهم كما تعتقدين ؟
الأم : لا أدري ...
صبر : حاولي التذكر .. رجل الأمن السمين ام الضعيف ؟ أم رجل الامن
الوسخ ؟ انا اعتقده إبن صاحب الكرش الكبيرة الذي كان يتبول كثيرا
في زنزانتنا .. من منهم ؟
الأم : لا أدري .
صبر : أم إبن رجل الأمن الاصلع ؟
الأم : لا أدري .
صبر : أم إبن رجل الأمن الشاذ ؟
الأم : لا أدري .
صبر : إبن الأسمر ... ؟
الأم : ( تصيح ) لا أدري ، لا أدري ، لا أدري يمّه ...
صبر : وأين أخي من أمي الان ؟
الأم : خرج من بطني نزيفا كما تعلم ...
صبر : أنا الاخر اريد ان اخرج نزيفا .
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
الأم : ( تحاول ان تحتضنه ) لا يمّه صبر .. تعال لحضن أمك ، تعال
ياروحها وحياتها وقلبها وكلّها ...
صبر : ( يبتعد ) تخلّي عن حضنك يا أم ، ارجوك .. ما عليك سوى ( يشير
الى الكرسي) ان تدفعي هذا ...
الأم : عد الى نومك .
صبر : ألم يقل لنا أبي عندما يتغير الوطن ، سيأتي من يضع على يمينكم القمر
والشمس على يساركم أو بالعكس ، لا يهم ،ها هو الوطن قد تغيّر ،
اين هو القمر واين هي الشمس في هذه الغرفة اللعينة ؟
الأم : عندنا الخبز الذي نغمسه بالشاي يمّه !
صبر : ( يمسك الكرسي ، يصيح ) يجب ان تدفعي الكرسي من تحت قدميّ
( يدفعه ) هكذا .
الأم : وماذا سيحدث بعدها ؟
صبر : أموت وتنتهي هذه المهزلة !
الأم : اخاف عليك من عينيَّ ان تحسدانك في لحظة ما ، فأغمضهما من
اجلك ، كيف لهاتين اليدين ان تدفعا كرسي موتك ؟
صبر : ( يصعد على الكرسي ويضع حبل المشنقة حول رقبته ) أمي .. اتوسل
اليك ان تدفعيه ، لقد تأخرت كثيرا...
الأم : إنزل يمّه صبر ، لا املك القدرة ان انظر اليك ، إنزل يمّه ...
صبر : ادفعيه .
الأم : انزل .
صبر : ( يضع الحبل حول رقبته ) ادفعيه .
الأم : ( تصرخ به ) انزل يمّه صبر .
صبر : ( متوسل ) ادفعيه ، ادفعيه ، ادفعيه ...
الأم : ( متوسلة ) انزل يمّه ، انزل من اجل أمك .
صبر : ادفعيه من اجلي ، لحظة واحدة وينتهي كل شيء ، ينتهي صبر ،
ساعديني يا أمي .
الأم : ( تصيح ) يبووووي ، ابني سيشنق نفسه ، انقذوا ابني ، يا أهل الرحم
يا ناس ، صبر سيشنق نفسه ، يبوووووي ...
زوج الأم: ( يشخر بقوة ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : لا تتعبي نفسك بالصراخ ، فاليوم حضر تجوال في المدينة .
الأم : ( تتوقف ) ستقتلني ، سيتوقف قلب أمك قبل قلبك ، انتظر قليلا ...
صبر : إدفعي .
الأم : ( برعب ) لا لا لا ...
صبر : إدفعي .
الأم : لا يمّه لا لا ...
صبر : إدفعي .
الأم : لا لا يمّه صبر ( تولول ) يمّه الولد يمّه ، ربيتك زغيرون يمّه الولد
يمّه...
صبر : ارجوك .. اغمضي روحك قليلا وادفعي الكرسي .
الأم : ( تتوقف ، تتألم ) سيقف قلبي ...
صبر : لا بأس .. سأنتظر قليلا من اجل قلبك ( ينزل من الكرسي )
الأم : أخفتني ايها الملعون .
صبر : ماذا تريدين مني ؟
الأم : تعال لحضن امك ( تحتضنه بقوة )
صبر : يجب ان اموت ( يترك حضنها )
الأم : لنمت سوية اذن .
صبر : لا .. أموت لوحدي .
الأم : ستكون هذه الغرفة الطينية قبرنا ...
صبر : انا ابحث عن حياة اخرى أفضل بكثير من حياتكم .
الأم : بعيدا عن أمك .
صبر : بل قريبا منها .
الأم : وتحرقني برحيلك .
صبر : أبحث عن راحة روحي ليس إلا .
الأم : لم أعد افهمك .
صبر : لانك أمي .
الأم : ماذا تريد من أمك ؟
صبر : ان تجعلينني سعيدا .
الأم : كيف ؟
صبر : بدفع الكرسي .
الأم : استغفر الله استغفر الله استغفر الله ...
صبر : ماذا انتظر ؟ بطني ستنفجر من الخبز المغمس بالشاي .
الأم : انتظار الفرج عبادة يمّه صبر .
صبر : حفظتها منك مذ كنت صغيرا . دعيني أذهب لأبي لكي أسأله على أقل
تقدير .
الأم : أُقسم لك بأن الخبز والشاي سيغسل رأسك من فكرة الإنتحار .
زوج الأم: ( يشخر بقوة ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : وأقسم لك بأنني مللت الحياة ، لا أملك القدرة على الحضور فيها ،
ساعدي ابنك بالاخلاص منها اذا كنت تحبينني فعلا .
الأم : أحبك فقط ؟ كيف ؟ انا اتوقف عن التنفس كلما اقتربت من حضن
أمك لانني اخاف ان لا يكفيك الهواء في هذه الغرفة الخانقة .
صبر : يا أمي ، يا حبيبة .. انا انتظرت لسنوات طويلة ، كنت اضع الامل في
جيب الصدر .. علّ هذه الغرفة تتغيّر ( يشير الى زوج الام ) لكنني لا
اسمع سوى شخير التغيير الذي دوّخ حياتنا فوق دوخاته القديمة .
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
الأم : إصبر ايضا ... !
صبر : أيضا ؟
الأم : لا نملك سواه .
صبر : لقد تأخرت كثيرا .
الأم : على قلب أمك ؟
صبر : على الانتحار .
الأم : ماذا افعل ياربي ( تحاول ايقاظ زوجها ) انهض ، انهض يا زوجي ...
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
الأم : انهض .. صبر سيشنق نفسه .
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
الأم : ( تهزه بيدها ) استيقظ لتمنعه ، قل له ان حياتنا ستتغير حتما ، انهض
لتأتي له بالشمس والقمر ، انهض انهض ( تضربه بقوة بيديها )
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : دعيه يشخر ...
الأم : لا اسمع شخيره .
صبر : ( يصعد على الكرسي ) سأشنق نفسي بنفسي ، لكنني سأتألم كثيرا .
الأم : تتألم ؟
صبر : بدونك .
الأم : انزل يمّه ... ( لزوجها ، تحركه بقوة ) سيشنق نفسه ، استيقظ ،
استيقظ ...
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
الأم : انزل يمّه صبر .
صبر : ( يضع الحبل حول رقبته ) لا فائدة .. لكنني سأتألم كثيرا يا أم صبر .
الأم : وماذا افعل كي لا تتألم ؟
صبر : ان تدفعي الكرسي بقوة بدلا عني .
الأم : أ يمكن ان افعل ذلك ؟
صبر : يمكن ، حتى لا أتألم ...
الأم : بيديَّ هاتين ؟
زوج الأم: ( يشخر ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...
صبر : ( مؤكدا ) بيديك .. انتظري قليلا ( ينزل من الكرسي )
الأم : ماذا تفعل ؟
صبر : بهاتين اليدين الطاهرتين ادفعي كرسي موتي ( يقبلهما بقوة ويصعد
الكرسي ، يضع المشنقة حول رقبته ) تقدمي يا أمي من أجل ابنك
صبر الذي يتمنى دائما ان يغمس الشاي بالخبز لا الخبز بالشاي ... !
( يغني فرحا ) يمه العمر وياج خير وشناشيل يا بويه خير وشناشيل
وين أرحل ليا بيت لو جلجل الليل يا بويه لو جلجل الليل ؟
الأم : ( تتقدم نحو الكرسي ، صبر مستمرا بغنائه ، تقف قليلا ، تتأمل
صبر ، تتلمس الكرسي بيديها ) بسم الله الرحمن الرحيم ...
( ينقطع الغناء ، الأم تجمد في مكانها )
زوج الأم: ( يشخر بقوة وينتشر جسده في مساحة الغرفة كلها ... ) اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ اخ خوخوخوخوخوخو ...

( انتهت )
العراق – الناصرية
صيف – آب اللهاب 2009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wwwsabriy.ahlamontada.net
 
مسرحية ابن الخايبه.............تأليف علي عبد النبي الزيدي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر والاعلامي صبري السعدي :: قسم البرامج الاذاعية والتلفزيونية :: منتدى السينما والمسرح-
انتقل الى: